الاثنين، 16 أغسطس 2010

ماءٌ منهمر .. وجنّة .!





قال تعالى : " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴿١٠﴾
يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا﴿١١﴾
وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴿١٢﴾

السورة : نوح .
المخاطِب : نوح عليه السلام .
المخَاطب : قوم نوح عليه السلام.
ديانة قوم نوح : الكفر ، عبادة الأصنام .
المطلوب منهم : الاستغفار أي الإسلام .
فـ" الاستغفار " هنا يأتي بمعنى الإسلام ، التوبة من الذنب و الإقلاع عنه لأنهم كفار ، فلا صالحات لكافر .!
نوع الاستدراج : بنعائم الدنيا المحسوسة ، و النتائج المباشرة للاستغفار ترغيباً لهم ، لأنهم كفار و لما يدخل الإيمان في قلوبهم بعد ..!

هل ورد مثل هذا الاستدراج في موضع آخر من القرآن ؟!

نعم ، في موضع آخر فقط ، في قوله تعالى : " وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴿٥٢﴾ "


عن هذا الموضع :

السورة : هود .
المخاطِب : هود عليه السلام .
المخَاطب : قوم هود عليه السلام.
ديانة قوم هود : الكفر ، عبادة الأصنام .
المطلوب منهم : الاستغفار أي الإسلام .


إذاً فالإغراء بالنعيم المعجل الدنيوي استدراج للتوحيد ، كاستدراج الرسول صلى الله عليه و سلم جديدي الإسلام و الأعراب بالغنائم ، و كإغراءه سراقة بسواري كسرى .!

" استغفروا " أخرى في القرآن...

" ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٩٩﴾ "


" وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿٦٤﴾ "



"وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿١٣٥﴾ أُولَـٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴿١٣٦﴾ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿١٣٧﴾ هَـٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴿١٣٨﴾ "

و في الحديث : " سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال : ومن قالها من النهار موقنا بها ، فمات من يومه قبل أن يمسي ، فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها ، فمات قبل أن يصبح ، فهو من أهل الجنة "

المعادلة إذن :

استدراج أمم الكفر للـ " توحيد " : بالدنيا .!

استدراج المؤمنين للـ " استغفار " : بالجنة .!



أما أن يكون الهدف الأول من الاستغفار لأمة مسلمة هو الإغراء نفسه لأمم كافرة ، فهذا يعني أن هناك أزمة ، أن هناك ربّاً من نوع ما .. و يمحق الله الربّا .!
أن يكون الجواب المباشر عند السؤال عن دليل على فضل الاستغفار ، هي الآيات من سورة نوح فهناك أزمة .!
أن يلتزم الانسان الاستغفار من الذكر ، و يظل عليه عاكفاً ، و يفرغ له الحصة الكبرى من ذكر الله ، وهو يعلم أن لا إله إلا الله أفضل الذكر و الحمد لله نخلة في الجنة و أكثر من ذلك ، فهناك أزمة .!
أن يلزم الانسان الاستغفار ، لأنه يريد أن تتبدل دنياه بمصائبها و همومها و أحزانها نعيماً و ملكاً عظيماً و هو قابع لا ينفع نفسه فهناك أزمة .!
أن يتحول الاستغفار إلى حملات و محافل، عسى أن تتبدل السماء و الأرض فهناك أزمة .!
أن تقضي عمرك تستغفر و أنت أنت ، لم تتغير فهناك أزمة .!


ما بعد التوحيد :

هناك انسان ، انسان يعمل لدنياه كأنه يعيش أبداً و يعمل لآخرته كأنه يموت غداً ، هذا الانسان ، يقول له الرسول محمد صلى الله عليه وسلم :

" من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب " .!

تشريح :

إن الاستغفار في الآيتين اللتين تعدان بنعيم الدنيا المعجل أعلاه ، يجب أن يكون عملياً فالاستغفار الشفهي ليس حقيقة الاستغفار على الأقل فيهما . بل و في سيد الاستغفار أيضاً حيث لم ترد كلمة " أستغفر " ذلك لأنه هناك بعد آخر ، لأنه لا يصح أن يقول الرجل : أستغفر الله العلي العظيم و أتوب إليه ، و هو يعبد الأصنام عاكف عليها .!

و كذلك لا يكرر المسلم " أستغفر الله العلي العظيم و أتوب إليه " سبعين مرة أو ألف مرة ، و هو لا يزال يغتاب و يغش و يكذب و يزور و يستمر في الذنب !


فالسنة التي تفرضها الآيات و يتضمنها الحديث هي أن تستغفر شفهياً و تقوم بسلوك إيجابي و هو " التوبة " و محو سلوك سلبي بـ" الإقلاع عن الذنب " حينها .. أنت تقوم ببناء انسان جديد متزن " خاشع " قابل للإنبات و لنيل الرزق بدون حساب و الجنة .!












.